الثلاثاء، 29 ديسمبر 2020

ليلى والبنات الثانية



 ليلى والبنات الثانية

قصة قصيرة 


إيه الفرق بين ليلى وأي بنت ثانية ..؟

كل ما أفتح قلبي علشان أصفي مية حزنه ألقى ليلى جواه ماسكه الجردل وبتنزح المية.. أبوسها وأضمها لصدري ونقعد سوى لحد مية القلب ما تنشف.. ساعتها أقفل عليها قلبي وأبدأ أمارس حياتي.. عمري في يوم مافتحت قلبي لقيت أي بنت تانية بتنزح أو حتى بتساهم في نزح المية.. طول الوقت البنات الثانية إللي بتلعب في حدايق قلبي وتدوس برجليها خضرته.. وإللي قاعدة تسرح شعرها جدايل تشنقني بيها وإللي قاعدة تتزوق علشان تشاغل مراية قلبي فتحرمني الشوف.. كل دا كان صحيح جميل وكان ساعات كثير  بيسعدني، لكن قد إيه أنا كنت بحب ليلى لما أشوف التعب المرسوم على وشها، والهدوم إللي بتشر مية وتجيب البرد وهى لامسة الجسم الرقيق دا وبتهزه بعنف، يخليني أحاول أدفيها بأي طريقة فمالقاش قدامي حل غير إني أقلع هدومي وأخلع عن ليلى هدومها المبلولة وأضمها لصدري فتدفا وأوصل أنا للفرق الحقيقي بين ليلى وأي بنت تانية....

                                 *                   *                        *

      صوتها... صوتها لما باسمعه باحس كإن  الشيخ رفعت بيأذن لفطور رمضان... صوت بيخليني أحس إنى ملاك سابح في بحر فضي من النور مش نور عادي لا.. نور رباني مانقدرش نشوفه ولا نحس به ألا بقلبنا... صوت بتقعد مستنيه بشوق جعان للقمة ولهفة عطشان لبق مية.. 

دا الفرق بين ليلى إللي بترفعني بصوتها للسما فاشبع وأرتوي والبنات الثانية إللي بيشدني صوتهم لحجرة مقفولة الأبواب وضوء أحمر وسرير واسع.. واسع... عمري ما شبعت منه ولا بل ريقي...

                             *                        *                       *

..... شعرها.... شعرها ليل.... مش زى أي ليل لكن زى أحلى ليل... ليل مافهوش قمر ولا بتلعب فيه نجوم لكن أسود.. أسود لدرجة إن ريحته تديك الإحساس دا فتنعشك زى هوا البحر المتغمس باليود وتسيبك أنت تنام وتحلم بإنك بترسم على الشاشة السودا ده خطوط وردي... آه... لما شفايفي لمست الشعر دا... مت واندفنت واتحسبت ودخلت الجنة...

هو دا الفرق بين ليلى إللي شعرها بينجيني من حساب الأخرة وأي بنت ثانية من إللي شعرهم بيقيد في قلبي نار جهنم. 

                              *                     *                        *

.....جسمها... جسمها شجرة البان إللي واقفة على عمودين من المرمر بيقربوا من بعض لحد ما تفضل بينهم يا دوب فتحة صغيرة جدا زى الثقب الأسود أو هى فعلا ثقب أسود جاذبيته تشد وتحطم أي جسم يقرب منه أو يحاول يعبره .. لكن أكيد إللي يقدر يعبره من غير ما يتحطم هيعيش في عالم جديد بزمن جديد واحاسيس جديدة عمر ما انسان قدر يعيشها أو حتى يمكن يتصور وجودها...

هو دا الفرق بين ليلى النجم الكبير إللي جمع كل جاذبيته في ثقب صغير جدا... لكن خطير جدا.. مدمر جدا.. يجذب له ويحطم أكبر وأقوى الكائنات وبين أي بنت ثانية مجرد قمر أو كوكب أو شمس مجال الجاذبية عندها محدود وممكن حسابه. 

                             *                   *                         *

ليلى نار... تحس جواها بالبرد والسلام أما أي بنت ثانية جنة.. شهوات مش ممكن تنتهي ومش ممكن تشبع كل شهواتي...


الاثنين، 9 نوفمبر 2020

لعبة الموت


 لعبة الموت - قصة قصيرة

في طفولتي.. لعبنا لعبة غريبة لمرة واحدة، فقد اجتمعنا – نحن الاخوة الخمسة - لتوقع من منا سوف يموت أولا.. وقتها كان أحد أعمامنا قد مات قبل اجتماعنا بيومين، وتجمع أبي وباقي الأعمام والعمات للقيام بواجبات الدفن وتلقي العزاء، مما حفز لدينا محاولة استقراء الغيب وقراءة المستقبل.. فتوقع أخي الأكبر أنه سوف يكون هو، لأنه الأكبر ولأن عمي الأكبر كان أول من مات من أخوته وأخواته وهو ما دعم موقفه أمامنا.

أما أخي الأصغر، فقد اختار أختي التي تسبقه في الميلاد، لأنها مريضة دائما، ولأنها كثيرا ما تشغل العائلة أياما وأياما في انتظار موتها رغم أنها كانت تقوم من رقدتها المرة تلو الأخرى سالمة  تاركة لنا القلق والانتظار.. 

وأنا تمنيت أن يكون الرجل الذى يظهر دائما في التلفاز، فيقطع علينا متعة المشاهدة ويشغل وقتنا بكلام لا نفهمه ولا نستفيد منه شيئا، ورأيت أنه الأحق بأن يكون الأول خاصة أنه كبير في السن لدرجة أني توقعت أنه سوف ينكسر بمجرد عبور الهواء من تحت عباءته

أما أختاى.. واللتان كانتا محاصرتين بالصبية من حيث الميلاد... فالكبيرة، ضحكت فى وجهنا وأدارت ظهرها لاجتماعنا بعد أن رمت فى وجهنا بتهمة الجنون.. والصغرى المريضة دائما فقد شفطت الهواء حتى ملأت رئتيها به وأشارت إلى نفسها صامتة، دون أن تبذل مجهودا لتفسر لنا.. لكننا نفهم سبب الاختيار ونجدها لا تبتعد عن الصواب كثيرا.. رغم حبنا لها وحزننا لمرضها.

الغريب في الأمر.. أن أخي الأصغر – وهو الشخص الأوْلى بالاستبعاد من لعبة الموت- هو من مات أولا.. وأنه بعد يومين بالضبط من موته اتصل بي من تليفون خارجي.. ليخبرني أنه قد وصل إلى الجنة سالما.. وطلب أن أطمئن الجميع عليه وأبلغهم سلامه.. وأن أرسل له مع أقرب الواصلين إليه / الراحلين منا .. كتاب "كيف تصنع حلما باستخدام الورق".. ليستخدمه في القضاء على الملل الذي يعاني منه نتيجة وحدته.. ورغم أنه انبأني أنه لا يوجد كتاب بهذا الاسم بعد، لكنه كان يعرف - نتيجة لانكشاف الغيب له - أنه سوف يُكتب في المستقبل وأنهينا المكالمة على وعد بلقاء قريب.

بدأت من فوري التواصل وزيارة الأهل والأصدقاء لقراءة مستقبلهم ومحاولة استنتاج من قد يكون أقرب الراحلين ليحمل الرسالة.. كما اشتريت رزمة من الورق الأبيض جعلت منها بابا لمشروع صناعة حلم لعلي استطيع أن أنقل له الخبرات المكتسبة في اتصالنا القادم ليتمكن من صناعة حلم - يقضي به على الملل-  باستخدام الورق.